lundi 28 mars 2011

الأزمة الاقتصادية العالمية : الأسباب والنتائج.


مداخلة القيت في شهر أفريل 2009 بالاتحاد الجهوي بنابل بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمناهضة الامبريالية.
لقد كانت الازمة الإجمالية التي هزّت الاقتصاد العالمي مدار اهتمام الجميع وهو ما يدفعنا إلى عرض وجهة نظرنا في الموضوع ومحاولة تفسير هذه الأزمة وتلمّس النتائج المترتّبة عنها. ونعتقد أن منطلق الفهم يستوجب عرضا سريعا لتاريخ الرأسمالية وخصوصا طورها الامبريالي منه. إنّ هذه العودة إلى التاريخ لا تهدف إلى عرض الأحداث التاريخية في حدّ ذاتها بقدر ما نعتقد أنّ البذرة التي ألقي بها في أرض الرأسمالية هي التي منحتنا ثمارها المتعفّنة اليوم بعد جملة من التحولات والتراكمات الكثيرة التي شهدها تاريخ الراسمالية كنظام اجمالي عالمي.
يجدر التنويه بداية إلى القطيعة الكبرى التي أحدثتها الثورة الصناعية في انقلترا وعموم أوروبا في مرحلة أولى والولايات المتحدة واليابان بعد ذلك. فقد كان الاقتصادي الرأسمالي قبل هذه الثورة يقوم على تلبية الحاجات فأصبح بعد ذلك بفضل الصناعة والمكننة وازدهار التقنية يحقّق فائضا هامّا يتجاوز حجم الرواج في السوق المحليّة تجاوزا كبيرا. لقد كان هذا التراكم الكمي والنوعي للانتاج العنصر المحدّد في تطوير الراسمالية من طورها المحلّي إلى الطور الإمبريالي. واستتبع ذلك تحوّل العنف والهيمنة السمتان الملازمتان للرأسمالية من المستوى المحلي لينتشرا على الصعيد العالمي فكان الاستعمار وإخضاع الأسواق الجديدة عنوة قصد ترويج الفائض من الانتاج. وتلازم ذلك مع استغلال الثروات الطبيعية ومقدّرات الشعوب الدول التابعة المدمجة في هذا النسق الكوني. كما تلازم ذلك أيضا مع ازدهار صناعة التسلّح لإخضاع الشعوب وضمان ديمومة النظام المفروض عليها.
لقد فرض هذا التحوّل في النظام الرأسمالي تقسيما عالميا للعمل مازلنا نخضع له في حقيقة الأمر فمنذ القرن التاسع عشر بقي المركز مركزا والمحيط محيطا تابعا لا يخرج عن فلك النظام الممركز في الثالوث الغنيّ : أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية واليابان.
إنّ إلقاء نظرة سريعة على طبيعة الراسمالية اليوم تقودنا إلى الإقرار بأنّ النظام لم يتغيّر في جوهرة وما تغير إنّما هو أشكال الهيمنة فقط أمّا البنية فهي ذاتها دائما. غير أنّ هذا الثبات لا يعني عدم حدوث تغييرات جزئية دون أن يتغيّر الجوهر لذلك يمكننا القول إنّ تاريخ الرأسمالية هو تاريخ أزمات وحلول لهذه الأزمات من داخل النظام وذلك بالتصرّف في الأزمة وايجاد المخارج منها دون أن ينهار النظام بل العكس هو الذي غالبا ما يحصل إذ كثيرا ما تستعيد الرأسمالية عافيتها بعد كلّ وعكة تتعرّض إليه.
هناك طبعا أزمة الثلاثينات من القرن الماضي التي أدّت إلى الحرب العالمية الثانية فقد كان النظام فعلا مهدّا بسبب بروز الحركات العمالية المقاومة وحركات التحرر الوطني وازهار الحركة الشيوعية... ولكنّه مهدّد كذلك بالحرب وصراع الامبرياليات.
أدّت هذه الأزمة العميقة إلى ظهور الكينزية التي انقذت النظام من الانهيار وضخّت فيه دماء جديدة بالعودة إلى الدولة الضابطة والمتدخّلة في تنظيم الاقتصاد. وكانت الفترة المتدّة من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى هاية السبعينات من نفس القرن فترة "الرفاه" (les 30 glorieuse).
يمكن الحديث عن منعطف هام في النظام الرأسمالي انطلاقا من نهاية السبعينات وتحديد مع قدوم ريغن في الولايات المتحدة وتاتشر في بريطانيا حيث قامت تميّزت سياستهما بالتخلّي عن دولة الرعاية لتمّ إطلاق العنان للتبادل الحرّ والعودة إلى أصل النظام كما كان آدم سميث قد ضبطه : دعه يعمل .. دعه يمرّ.
لقد سيطر منذ ذلك التاريخ المنوال النيوليبرالي سياسيا واقتصاديا وتعاظم دور المؤسسات المالية والسياسية الدولية التي تقودها الامبريالية (البنك العالمي، صندوق النقد الدولي، المنظمة العالمية للتجارة، الحلف الأطلسي، مجموعة الثماني ..الخ). وبالفعل، فقد تحوّلنا من الكينزية إلى العولمة الراسمالية وذلك بإدماج معظم البلدان وإخضاعها إلى منطق التبادل الحرّ. وهناك عاملان آخران ساعدا على ذلك هما التطوّر الكبير لتكنولوجيا المعلومات وانهيار المنظومة المسمّاة اشتراكية وتراجع الحركات العمالية واليسارية. فكانت أسس النظام إطلاق العنان لقانون السوق وتحييد الدولة واكتفاؤها بالدعم السياسي والعسكري وضمان التبعية والتأطير الأمني. إنّ الانتصار الكليّ للنيوليبرالية جعلها تعتبر أنّ العودة إلى تدخّل الدولةة وتكليفها بدور تعديلي هرطقة وبيروقراطية .. فالدولة تكتفي بذلك الدور الذي يضطلع به رجال المطافئ لا غير.
إنّ هذا الانتصار الساحق لنظرية فتيان شيكاغو كان مصاحبا بانبثاق أزمات متكررة لأنّ ذلك من طبيعة النظام الرأسمالي باعتباره نظاما يخضع إلى قانون مركّب : النموّ والأزمة. ونذكر على سبيل المثال أزمة المكسيك (1994-1995) والأزمة المالية الآسيوية (1997-1998) والتي كان لها أثر كبير على عموم النظام وأزمةروسيا (1998) والبرازيل (1999) وتركيا (2000) والأرجنتين (2001- 2002).
رغم حدّة هذه الأزمات فإنّ تأثيرها بقي محدودا لسبيين على الأقلّ : كلها أزمات شملت الأطراف ولم يكن لها كبير الأثر على المركز ثم إنها بقيت أزمات مالية تحديدا ناجمة عن المضاربة في الأسواق المالية وفرار الرساميل من الجنوب إلى الشمال طلبا للأمان دون ان يعني ذلك بطبيعة الحال انعدام الاجتماعية الوخيمة ولعل مثال الأرجنتين أبرز دليل على ذلك.
يمكن القول إنّ هذه الأزمات كانت مقدّمة واضحة للأزمة الإجمالية الراهنة.
حين نروم فهم الأزمة الحالية نجد أنّها في حقيقة الأمر متصلة ببنية النظام إذ على امتداد الثلاثين سنة الأخيرة تميّز رأس المال بالانصراف نحو تحقيق الربح الأقصى الممكن فكان التوجّه إلى المضاربات المالية (يصل حجم المضاربات المالية في الأسواق المالية حوالي 1200 مليار دولار). أي أنّ جزءا كبيرا من رأس المال صرف النظر عن الاستثمارات المنتجة للبضائع والخيرات التي من شانها أن تلبّي الحاجيات الاجتماعية وتوجّه غلى البنوك والأسواق المالية وهو ما يعرف بالفقاعة المالية وحين تنفجر تلك الفقاعة فلن نجد إلاّ الفراغ بطبيعة الحال لتراجع نسبة الاستثمار المنتج وتطور نسبة الاستثمار المالي
هناك كذلك سبب مباشر لاندلاع هذه الأزمة مرتبط بالقروض العقارية غير المأمونة في الولايات المتحدة (subprime) وهي قروض تمنحها البنوك دون أن تتأكّد من القدرة على التسديد على مدى 30 سنة وعادة ما تكون السنة الأولى والثانية بنسبة فائدة ضعيفة ثمّ يقع التفاوض مع الحرفاء وقد وصلت نسبة الفائدة إلى 25 بالمائة وحتى 40 بالمائة. ثمّ غنّ ما صبّ الزيت على النّار هو تحكّم السماسرة بهذه القروض بتحويلها إلى سندات مالية (titrisation) وبيعها إلى البنوك.
لقد أدّى العجز عن تسديد هذه القروض إلى انخفاض سعر العقارات واختلال التوازن بين العرض والطلب فالأغلبية كانت تسعى إلى بيع منازلها في مقابل ندرة الطلب. كما أدّى ذلك بدوره إلى عدم قدرة البنوك على استرجاع الأموال ممّا زعزع الثقة وأدّى غلى نزيف مالي فكان انهيار وال ستريت في سبتمبر 2008 وتلتها بعد ذلك البورصات العالمية.
كانت الأزمة في منطلقها إذن مالية غير أنّه هذه المرّة ضرب صميم المركز ولم تكن طرفية كأزمات السنوات السابقة من عشرية التسعينات وبداية سنوات الــ 2000. واستتبع ذلك أن اثّر الإفلاس بشكل كبير على الاستثمار وادّى إلى ركود اقتصادي وتراجع نسب النموّ التي أصبحت سلبية. وبالتالي تراجع الطلب والاستهلاك نظرا إلى تراجع الأجور والقدرة الشرائية.
لقد تحوّلت هذه الأزمة من أزمة مالية إلى أزمة اقتصادية اجمالية شملت الاقتصاد الحقيقي والانتاج (effet de dominos).
هكذا اصبحت الأزمة هيكلية متوسّعة من المجال المالي إلى مجال الاقتصاد الكلي ولم تقف عند حدود وال ستريت أو الولايات المتحدة وبنوكها بل ضربت أمواج التسونامي المالي كلّ العالم نظرا إلى أنّ مجمل البلدان مندمجة في مسار العولمة الرأسمالية. فقد توسعت الأزمة جغرافيا لتشمل بلدان الجنوب فتراجع النمو الاقتصادي في المركز وهو ما أدى إلى نقص الطلب على المواد الأولية من الجنوب مما أدى بدوره إلى انهيار الأسعار -كالبترول مثلا- في الاسواق العالمية. وقد استتبع ذلك أيضا تراجع واضح في احتياطات الصرف وهو ما جعل بلدان الجنوب التابعة تسعى إلى رفع صادراتها للحفاظ على توازنها المالي والتجاري ممّا يعطي للأزمة بعدا آخر وهو تدمير البيئة واستنزاف الثروات وهدر حقوق الأجيال القادمة. وبذلك تحوّلنا من أزمة مالية تعلقت بضمانات قروض السكن في الولايات المتحدة إلى ازمة غذائية واقتصادية تعصف بعموم الكوكب.
أيّ انعكاسات لهذه الأزمة على تونس؟ وما مدى فعاليّة الاجراءات التي اتخذتها الحكومة لتجاوزها؟
ليس جديدا القول إنّ تونس قد اندمجت في الاقتصاد العالمي برعاية المؤسسات المالية الدولية والاتحاد الأوروبي عبر آليات التكييف الهيكلي (1986) واتفاقية الشراكة (1995) والانخراط في المنظمة العالمية للتجارة وإمضاء العشرات من اتفاقيات حماية الاستثمار مع الدول الغنية خصوصا.
والملاحظ أنّ هذا الاندماج قد كان دون أدنى استشارة للمواطنين كما تميّز بالانضباط الكلي والطاعة التامة من طرف الحكومة لمهندسي هذه السياسات. ونتيجة لذلك كان الاقتصاد التونسي شديد التأثر بمختلف التقلّبات والأزمات الطارئة على المستوى العالمي.
إنّ ما يبدو غريبا (لم يعد غريبا في الحقيقة لكثرة تعودنا على ذلك!) أنّ الحكومة أنكرت تضرّر تونس من هذه الأزمة مدّعية أنّها محصّنة بفضل القيادة الرشيدة وحكمة الديكتاتور كما لم تتردّد في القول إنّ الاقتصاد التونسي قادر على كسب مواقع جديدة في السوق العالمية.
وفي مطلع سنة 2009 تغيّر خطاب الحكومة التونسية حيث بدا لافتا أنّ البلاد واقعة تحت الضربات الموجعة والمكلفة اقتصاديا واجتماعيا للأزمةوتحقّق ما كان يعتبرونه -على مستوى الخطاب طبعا- مستحيلا!
كافّة المؤشرات حمراء اللون
نذكر سريعا بعض المؤشرات الدالة على وطأة الأزمة على تونس :
  • تراجع واضح في صادرات مختلف قطاعات الإنتاج المحلّي حيث بلغت نسبته في الثلاثية الأولى (1) من سنة 2009 إلى 18,8 %. وقد وصلت نسبة تراجع صادرات المنتجات الفلاحية والصناعات الغذائية 25,5 %.
  • نعتبر أنّ ما زاد من تعميق الأزمة هو الارتباط العضوي بين الصادرات التونسية والاسواق الأوروبية التي تستوعب بمفردها 82,5 % من قيمتها الاجمالية، خصوصا فرنسا(1/3)وايطاليا (¼). ولا يخفى أنّ هذين البلدن كسائر البلدان الأوروبية الاخرى- يتعرّضان بدورهما بشدّة تحت تأثيرات الأزمة حيث افتقاد السيولة المالية الكافية للتوريد..
  • هاكم مؤشر آخر أحمر اللون .. يتمثل في تحكّم الرأسمال الأجنبي بصفة مباشرة في أكثر من نصف الصادرات المحليّة (54% سنة 2008). وهكذا يمكننا القول إنّ نصف الصادرات التونسية هي في الحقيقة صادرات أوروبية من تونس نحو أوروبا وغيرها!!. لنأخذْ مثالا واضحا يبرهن على صحة ما نقول قطاع النسيج والجلود حيث حقق هذا القطاع 31% من الصادرات في حين تمثّل حصّة الرأسمال الأجنبي في هذا القطاع 96,7 %. بعبارة أخرى فإنّ فوائد التصدير تذهب إلى جيوب المستثمرين إضافة إلى إعفائهم من الاداء على الأرباح طيلة العشرية الأولى من انتصابهم بتونس أضف إلى ذلك السماح لهم بإعادة توطين أرباحهم في بلدانهم....الخ
  • وهذا مؤشر آخر من المؤشرات الحمراء : تميّز نموّ الإنتاج الصناعي بالتباطؤ منذ شهر نوفمبر الماضي ونكتفي في الإطار بهذا المثال المعبّر
    مؤشر تطور الأنتاج الصناعي
    اكتوبر 2008
    129،7
    نوفمبر 2008
    125،8
    ديسمبر 2008
    123،4
    فيفيري 2009
    119،4
    المصدر : المعهد الوطني للإحصاء
  • هناك تغلغل واضح للرأس المال الأجنبي في الاقتصاد التونسي من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر وهو ما يعمق من التبعيّة حيث يتحكّم الرأسمال الاجنبي بصفة جزئية أو كليّة في 1180 شركة تشغّل 106 آلاف أجير.
لنتركْ جانبا الخطاب الرسمي المهيمن ونستقرأ بانفسنا ما ينجرّ عن مثل هذه المؤشرات. لا شكّ انّها مؤشرات تبرهن بوضوح على بلوغ موجات التسونامي بلادنا وأنّها ستتكلف غاليا بالنسبة إلى الشعب التونسي وخصوصا الاجراء منه حيث لا يخفى علينا إغلاق العديد من المؤسسات وطرد الآلاف من العمّال والتدهور الواضح في القدرة الشرائية أضف إلى كلّ ذلك ضرب العمل النقابي وركون قيادة الاتحاد إلى البيروقراطية ومواصلة حكومة ابن علي في انتهاج القمع سياسة وارهابها لكل نزوع نحو حرية التعبير والفكر الحر والعمل المستقلّ.. إنّا في الواقع لا نخضع إلى دكتاتورية رأس المال العالمي فقط بل نعتبر أنّ ديكتاتورية السلطة هي آلية من آليات تنفيذ هذه السياسات الاقتصادية فالاثنان متوطئان وما علينا إلاّ أن نتحلّى بالشجاعة الكافة تحليلا وعملا لنقول لهما : كفى...! أنتم تسبّبون الكوارث وتراكمون الأرباح ونحن ندفع الفاتورة ونعيش البؤس الاجتماعي تحت ضربات عصا ديكتاتورية فظّة.
ينضاف إلى جملة هذه المؤشرات الاقتصادية عبء الديون العمومية إذا شهدت شروط الدين العمومي الخارجي تدهورا واضحا سببه ارتفاع نسب الفائدة وليس عدم توجّه الحكومة التونسية في سنة 2008 إلى الأسواق المالية بالقدر المعتاد إجراء تقدميا بل يبدو أنّ هذه الحكومة اختارت التوجّه إلى السوق المحلّية إذ جاء في تصريح محافظ البنك المركزي لوكالة تونس إفريقيا للانباء ما يلي : « .. لهذه الأسباب (أي تدهور شروط الاقتراض) لم تتوجّه تونس إلى الأسواق المالية سنة 2008 ولقد اقترح البنك المركزي على الحكومة عدم التوجّه ثانية إلى هذه الاسواق خلال سنة 2009 والعمل على تعبئة الموارد المالية التي يتطلّبها ميزان الدولة كليّا من السوق المحلية"
بيت القصيد في هذا التصريح هو "السوق المحلية" وهو يعني الالتجاء إلى المستثمرين الماليين المحليين وارتفاع نسبة الدين الداخلي العمومي مقارنة بنسبة تطوّر الدين الخارجي العمومي. لكن وإن كنّا متأكدين من أنّهم لم يقرضوا الدولة تلك المبالغ الطائلة دون فوائد فإنّنا نتساءل عن نسبة الفائدة بالنسبة إلى السوق المحلية الخاصة مقارنة بالأسواق المالية الدولية؟ ثمّ ألا يعني تعبئة الموارد محليا المزيد من التقشّف في الاستثمارات العمومية وفي ميزانيات الخدمات الاجتماعية والأجور ورفع الضرائب أو إحداث الجديد منها؟ ألا يعني ذلك امتصاص ما بقي من قطرات الدم التي تبقينا على قيد الحياة؟!!
مقابل ذلك لا نجد اثرا لتصريح حكومي يعلن التفكير في فرض أداءات على الرأسمال المحليّ أو الأجنبي أو مراجعة الأطر القانونية المنظمة لشروط الاستثمار الأجنبي سواء تعلّق الأمر بالإعفاء الضريبي أو بمختلف الامتيازات الأخرى بل العكس هو الذي حصل فقد أعلنت هذه الحكومة في إطار ما تعتبره دعم فرص الاستثمار والحفاظ على مواطن الشغل عن تخصيص مبلغ طائل يقدّر بـ 100 مليون أورو للشركات الاجنبية المنتصبة في تونس.. إنّ ذلك كمن يعاقب الضحية ويجازي الجاني!!
وليس مستبعدا كذلك أن تتوجّه الإجراءات "الوقائية" إلى المزيد من الخوصصة والتعجيل بالتفويت في ما تبقى من مؤسسات وكذلك البحث عن لزمات جديدة على غرار ما حصل أخيرا فيما يخصّ مطار النفيضة. في كلمة هي سياسة منطقها الجوهري : خوصصة الأرباح وتأميم الخسائر!!
إنّ الإجراءات التي تقدّمها الحكومة لا تمثّل في نظرنا حلاّ للأزمة بل تصريفا لها يتنزّل في اطار سعي الرأسمال المحلي والعالمي إلى البحث عن حلول لا تمس جوهر النظام وتحافظ على استمراريته لذلك جاءت هذه الإجراءات مدمّرة للاجتماعي وتزيد من تدهور أوضاع الأجراء، إنّها حلول تحمي رأس المال على حساب العمل والمجتمع وهنا لنا نتساءل عن دور منظمة كبرى كالاتحاد العام التونسي للشغل والأجوبة التي سيقدمها ردا على تداعيات هذه الأزمة ولو أنّنا نعتبر أنّ هذه المنظمة لا يمكنها أن تكون طرفا فاعلا إن لم تخرج بدورها من أزمتها وتعدّل من توجهاتها...

مختار بن حفصة
أفريل 2009

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire